منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية: مزيد من التبادل الحر؟ لفائدة من؟

All the versions of this article: [عربي] [English] [Español] [français]

bilaterals.org & GRAIN | أكتوبر 2023

منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية: مزيد من التبادل الحر؟ لفائدة من؟

pdf تحميل بصيغة

منذُ مطلع سنوات 2000، قال الشعب الأفريقي "لا لاتفاقات الشراكة الاقتصادية" التي كانت أوروبا تطالب بها كي تواصل نهبَها الاستعماري لبلدان الجنوب. واليوم ها هو مشروع نيوليبرالي جديد يُهدد أفريقيا، إنه اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية (ZLECAf).
الاتحاد الأفريقي هو مصدر هذا الاتفاق التجاري الضخم، بدعم من فاعلين اقتصاديين كبار، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكيةِ، والصينِ، وبنكِ الإنماء الأفريقي، ومنظمة التجارة العالميةِ والبنك العالميِ. يرمي الاتفاق إلى تعزيز الأسواق الأفريقية، وحفزِ التجارة القارية وتوطيدِ الاندماج الإقليمي. جرى توقيعه من قبل 54 دولة ضمن 55 الأعضاء بالاتحاد الأفريقي. ومع أنه بات ساري المفعول في العام 2019، لم تصبح بعضُ قواعده التجارية جاهزة للتنفيذ سوى في العام 2022 وبين سبع دول وحسب. يرمي اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية إلى إضفاء ليبرالية على 97% من تجارة السلع الداخلية الأفريقية. وينطوي الاتفاق أيضا على قواعد تجارة الخدمات، والملكية الفكرية، والاستثمار والتجارة عبر إنترنت. كانت سيرورة التفاوض مشوبةً بنقص شفافية، إذ لم تكن المعلومات متاحةً سوى بتسرب نصوص.
كانت المبالات التجارية في أفريقيا تتم دائما بنحو غير نظامي، عبر تجارات صغيرة، معظمها تقوم به نساء. واتفاق منطقة التبادل الحر الأفريقية لا يأخذ هذا الواقع بالحسبان، بل يسعى بالأحرى إلى حفز التنافس بين المنشآت الكبيرة.

ماذا سيكون تأثير هذا الاتفاق على السكان الأفارقة العاديين، في حقبة الأزمة المناخية والاقتصادية والغذائية هذه؟

أولوية للزراعية الصناعية

إنه من شأن اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية أن يربك الزراعة الفلاحية وأنظمة الغذاء في أفريقيا. ويتعلق أحد الانشغالات الرئيسة بتشديد القواعد الخاصة بالبدور الفلاحية. يضع بروتوكول اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية الخاص بالملكية الفكرية معايير متماثلة من أجل "حماية" الأنواع النباتية، والموارد الجينية والمعارف التقليدية. إجمالا، إنها ستغدو ممتلكات خاصة. بهذا النحو ستُصبح لمنشآت البدور سلطة منع المزارعين والمزارعات من تخزين البدور المحمية ومبادلتها. وسيترتب عن ذلك تهديد التنوع الأحيائي الذي يقع في صلب الثقافة الغذائية الأفريقية والسيادة الغذائية، فيما ستتعزز قوة الزراعة الصناعية. إن منح احتكار قانوني لأي كان في مضمار البدور أمر غير مقبول.

استهداف قانون العمل

بغية تسريع النمو، يشجع اتفاقُ منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية الأنشطةَ في المناطق الاقتصادية الخاصة، حيث يجري تليين القوانين بقصد جذب الاستثمارات. تتيح المناطق الاقتصادية الخاصة للمنشآت تسهيلات ضريبية واستثناءات في مجال قانون البيئة، ضمن أمور أخرى. ويعني هذا بالنسبة للعمال وللعاملات ظروفَ عمل غير لائقة، وأجورا منخفضةً، وظروفاً صحية هشةً، ومُدد عمل كثيفةً، وأشكالَ عنف إزاء النساء، ومنعَ النقابات. وتفضي أيضا المناطق الاقتصادية الخاصة إلى مصادرة الأراضي وعمليات ترحيل، لا سيما عند تحويل الأراضي الزراعية إلى مناطق صناعية.

الإفادة من الأدوية في خطر

يحتوي اتفاقُ منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية على مقتضيات خاصة بالملكية الفكرية من شأنها عرقلةُ استيراد وإنتاج الأدوية الجنيسة التي في متناول المنشآت المحلية. وسيُضاف لاحقا ملحقٌ خاص ببراءات الاختراع، لكن من المرجح أن تظل عمليةُ التفاوض محاطة بسرية، فيما قد تكون العواقبُ على الصحة العمومية جسيمةً.

الشركات متعددة الجنسية ضد الحكومات

جاء في صيغ اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية التي كُشف عنها إمكانُ مطالبة الدول الأعضاء بإحداث آلية لتسوية النزاعات بين المستثمرين والدول. يتيح نظام العدالة الموازيُّ هذا للمستثمرين الأجانب متابعةَ دولة أمام محكمة تحكيم مُلزمة، عند إضرار قوانين أو قواعد جديدة بأرباحهم المتوقعة أو بمقدرة استثمارهم. وهذا النظام مثارُ نقدٍ في العالم برُمَّته لأنه يُمكن المستثمرين من تغيير السياسات العمومية لدول ذات سيادة. ويُفضي أيضا إلى فرض غرامات ضخمة (ملايير دولارات) على دافعي الضرائب إلى يومنا هذا، خسرت الحكومات الأفريقية معظم 99 مسطرة تحكيم من هذا الطراز جرى تفعيلها ضدها بموجب اتفاقات استثمار ثنائية.

تجارة رقمية

يوجد بروتوكول بشأن التجارة الرقمية في طور التفاوض، لكن مضمونه يظل سرياًّ. وإن من شأنه دعمُ خطة الاتحاد الأفريقي الرامية إلى إقامة سوقٍ رقمية وحيدةٍ على صعيد القارة. والمقصود إلغاء "العقبات" القانونية والتقنية بوجه التجارة، من قبيل قواعدِ حماية الحياة الخاصة التي تبنتها الدول الافريقية على نطاق واسع. فعلى سبيل المثال، قد يمنع البروتوكول متطلبات المَوضَعة التي تحول دون معالجة المعطيات الحساسة، كالمتعلقة بالصحة، خارج البلد. وبالنظر إلى أن ثلث سكان أفريقيا فقط يستعمل إنترنت بانتظام، تصعب معرفة من سيستفيد من إضفاء ليبرالية على المبادلات الرقمية والتجارة عبر إنترنت.

ديون متنامية من أجل البنيات التحتية

يمثل اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الافريقية جزءا لا يتجزأ من أجندة 2063 للاتحاد الأفريقي، التي تروم تطوير البنيات التحتية الداخلية الأفريقية. وسيشجع المشاريع كبيرة النطاق المستجيبة لمتطلبات الدول والمنشآت المساندة للاتفاق، من قبيل ممر ناكالا Nacala الذي يربط بالطرق وبسكك الحديد على طول 1700 كلم بين موزمبيق ومالاوي وزامبيا. تجنح هذه المشاريع العملاقة إلى إغناء الشركات متعددة الجنسية وإلى إثقال دين البلدان المستضيفة العمومي. إن كان تطوير البنيات التحتية هاما، فيجب أن يستجيب للمصلحة العامة دون مزيد من تعميق الدين العمومي. ويجدر التذكير هنا بأن استدانة البلدان الأفريقية الخارجية بلغت 44 مليار في العام 2022.

لا لاتفاق منطقة التبادل الحر القارية الأفريقية

اتفاق منطقة التبادل الحر القارية الافريقية قائم على عقيدة رأسمالية السوق. ويدعو إلى "تنمية" قائمة على زيادة المبادلات التجارية والاستثمارات، تحت غطاء الوحدة الأفريقية. بيد أن هذه القواعد التجارية مماثلة لنظيرها لدى منظمة التجارة العالمية والاتفاقات الثنائية. لن يستفيد من الاتفاق بكل يقين غير النخب الافريقية ورأس المال العابر للأوطان، على حساب جماعات السكان المحلية.

روابط من أجل معرفة أوسع بالموضوع:

• bilaterals.org, “ZLECAf”, 2023, https://bilaterals.org/afcfta-287
• GRAIN, “Que signifient les accords de libre-échange pour les femmes africaines ? Un regard critique sur la Zone de libre-échange continentale africaine”, 2020, https://grain.org/fr/article/6497-que-signifient-les-accords-de-libre-echange-pour-les-femmes-africaines-un-regard-critique-sur-la-zone-de-libre-echange-continentale-africaine
• Ibon Africa, “La ruée vers l’Afrique: Une introduction à la campagne sur l’accord de la zone de libre-échange continentale africaine”, 2022, https://iboninternational.org/download/scramble-for-africa-afcfta-campaign-primer/
• ISDS Platform, https://isds.bilaterals.org/